تبدأ قصة أصحاب الأخدود بالغلام الذي أرشده الله تعالى للإيمان والخير والثبات، واستطاع بفضل الله تعالى أن يزيل الملك الظالم المتجبر عن عرشه، خصوصًا أن هذا الملك ادّعى الألوهية، فقد كان للملك المتجبر ساحر، وكان الملك يعتمد على هذا الساحر في تثبيت ملكه وترهيب الناس، وعندما كبر الساحر في العمر، طلب من الملك أن يُحضر له غلامًا كي يعلمه السحر، ليكون خلفًا له في مهمته، لكن الله تعالى كتب الخير للغلام، وجعل في طريق ذهابه للساحر راهب مؤمن، فدعا هذا الراهب الغلام إلى الإيمان بوحدانية الله تعالى، وعلمه طريقة كي يتخلص من الساحر بها، حيث أجرى الله تعالى على يديه كرامات عدة مثل: إبراء الأكمه والأبرص وشفاء المرضى، واتخذ من هذه الكرامات وسيلة لنشر الدعوة، فوصل الخبر إلى الملك، حيث أخبره أحد المرضى الذين شفيوا على يديه عندما دعا له الغلام، فشعر الملك أن هذا الغلام يهدد ملكه، فتتبع أخبار الغلام والراهب حتى وصل إليهما، وقام بقتل الراهب فورًا، وأخذ بتعذيب الغلام وتخويفه وترهيبه كي يعود عن عودته، لكن الله تعالى كان في كل مرة ينجي الغلام من بطش الملك ويزيده إصرارًا على دعوته.
وعندما يئس الملك من صدّ الغلام عن دعوته قرر أن يقتله، لكن الغلام أخبر الملك أنه لن يستطيع قتله أبدًا إلا بطريقة واحدة يُحددها الغلام، والغلام لم يكن يريد الموت، لكنه كان يُريد أن يثبت للناس صدق دعوته وعجز الملك، كما أراد أن يُري الناس قدرة الله تعالى، فطلب الغلام من الملك أن يجمع الناس في صعيدٍ واحد، وأن يجهز خشبة كي يصلب الغلام عليها، ومن ثم يأخذ سهمًا ويريمي بها الغلام، بشرط أن يقول: "بسم الله رب الغلام"، ففعل الملك ما طلبه الغلام، فسقط الغلام ميتًا بعدما أصابه السهم، وبعدها ردد الناس جميعًا: "آمنا برب الغلام"، وبعد أن رأى الملك يرددون هذا جنّ جنونه، فحفر أخدودًا وأشعل فيه النيران، ووضع فيه كل من أصرّ على الإيمان بالله تعالى، فلم يأبه الناس بهذا العذاب وضحوا بأرواحهم في سبيل الله تعالى.
وقد حدثت في ذلك اليوم كرامة من الكرامات، حيث إنّ طفلًا رضيعًا نطق ومنع أمه من التقاعس، وأمرها بأن تذهب للأخدود بكل ثبات لأنها على الحق، وفي هذا إشارة عظيمة على ضرورة الثبات على الحق وعدم التقاعس عن التضحية في سبيل الله مهما كانت الظروف، لأن الله تعالى أرحم بعباده من أنفسهم، وأرحم بالطفل الرضيع من أمه
تعليقات
إرسال تعليق